بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و العاقبة للمتقين و لا عدوان إلا على الظالمين
أما بعد :
فإني ما وجهت لك هذا للمباهلة فحساب الخلق على الجبار و هو المطلع على الخفايا و الأسرار
يا من تقول أنك تدعو للسلام و العدل و توقع الناس في اللعنة و سخط الله بمباهلتهم على فرض أنك على حق و ليس أن كل ذلك راجع عليك
إنما اخترتُ هذا القسم لأنك تعده آخر خيار بعد الحوار ولا حوار لي معك
و لو كنتَ صادقا لكنتُ أول ناصر لك و لكن يتحتم علي معذرة إلى الله و لعلك تنتهي أن أبين لك مع علمي باعتقادك أنك أعلم الخلق و لا نية لديك لتقبل الحق و متأهب للجدل و فرض ما تقول بأنه حجتك من الله و لا حجة و لا علم لك
فإن أعرضتَ قامت عليك الحجة و الله حسيبك و إن استجبت فالحمد لله الهادي و عودتك عن الفتنة نعمة من الله عليك و على الأمة و نجاة لأنصارك إن كنت حريصا على نجاتهم و قد صدقوك و وثقوا بدعوتك
و قد علمتُ من أمرك ما يكفي و عقيدتك و فتاويك تغني عن حواري لك لكنك تحب الجدل و كثرة الخوض و هذه من نواقض دعوتك فالمهدي عليه السلام خليفة الله في الأرض و الداعي إلى سبيله بالحق على بصيرة
و لا يقول أنا المهدي بل يظهره الله بأمره و يقيم به الحجة على جميع خلقه و لا حاجة بالله إلى أن يحاور من تسميهم العلماء لكي تظهر نفسك إعلاميا بتحديك لهم مع معرفتك بجهلهم فتريد إظهار نفسك على حسابهم
و العالم لا يحط نفسه لمستوى جهالتك فيحاورك فلا تجد إلا من هم على شاكلتك في جدل لا طائل له كما أنك لا تجيب أحدا عن سؤال بل تتوهه في حديث طويل تجعل آيات الله غطاءا له و لو لم يكن لها صلة مباشرة بما تتحدث عنه
و ما هكذا كان النبي صلى الله عليه و سلم إنما كان جوابه فصل و يُفهم سائله المطلوب دون تشتيت فهو أعلم الخلق و أحرص على توجيههم بما يبعد عنهم الضلال و الفتن
و قد حذر من الكذب عليه برؤيا أو غيرها و أن فاعل ذلك يتبوأ مقعده من النار فتنبه لذلك جيدا
و لست أريد الكلام في كل ما تكلمتَ به و دعوتَ إليه و أفتيتَ به فهو حديث طويل
إنما أنبهك لأمور خطيرة من كثير من المهلكات التي تتخبط فيها منها إنكارك لأحاديث اتفقت عليها الأمة و روتها أصح الكتب بعد القرآن لأن عقلك لا يستوعبها فتنكر قول النبي صلى الله عليه و سلم لها
كحديث إحراق البيوت على من يصلون فيها تاركين الجماعة معه صلى الله عليه و سلم بغير عذر ليبين خطورة ذلك و ليست هذه الإشارة تأييدا لمحمد حسان فهو أضل منك و أجهل
و كحديث أن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن و تقول أننا بذلك نجعل الله ثلاثا؟ و لكن مالا تدركه أن سرها العظيم و فضلها الكبير أعطاها هذه المرتبة بما فيها من التوحيد و نبذ المشركين و شركهم
كما أنك تفتري على النبي صلى الله عليه و سلم أنه كان يخوف الناس العذاب و يقربه لهم ليوهمهم بذلك ( و حاشاه أن يقول غير الحق أو يخادع و يوهم ) لتغطي على كذبك بما لم يجعل الله لك به سلطانا بشأن ما تسميه كوكب العذاب و غير ذلك من الخزعبلات التي ألفتها من عندك
فالنبي صلى الله عليه و سلم يبين أن عذاب الله قريب واقع لا مهرب منه للمشركين سواء بانتهاء أجلهم ( أم تعتقد أن العذاب ينحصر في الدنيا فقط كونك من أهلها و طلابها؟ ) أو بقيام الساعة التي لا يعلم بوقتها إلا الله
و اعتقاد النبي صلى الله عليه و سلم جازم باحتمال قيامها في حياته و لا يستبعدها أبدا و لا يوهم الناس بقربها و يخاف مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون
و قد ذكرتَ نفسك في بياناتك و فتاويك أكثر مما ذكر الله نفسه في كتابه الحكيم بينما المهدي يُعظمهُ الله و هو متواضع في نفسه كما أنه لا يطلب الرياسة و يدعو الناس إلى نفسه بل يُبايَعُ كارها و ملزما من الله بما خلقه له لتجديد الدين و إقامة شرع الله في الأرض و نشر العدل و الصلاح بعد عموم الظلم و الفساد
فهل يمكنك إخباري كيف ستُكرهُ على البيعة في بيت الله الحرام و أنت تطلبها و تريد تسلم حكم اليمن تمهيدا لدولتك؟ فأتق الله و لا تكن من الظالمين إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون
وتحاور المجرمين كعدنان إبراهيم الدجال الذي يُحرف القرآن و يتطاول على النبي صلى الله عليه و سلم و يستهزئ بأولياء الله و صحابة خير الخلق و تُسميه فضيلة الشيخ و هو صاحب الرذيلة و الفجور فهل أمَرَك الله بهذا؟
و هل كان من تدعي أنه جدك صلى الله عليه وسلم يجامل المجرمين و المنافقين و يمدحهم؟ و أحمد اليماني الضال المضل و غيرهم بحجة أنك لا تشتمهم و تتقبل حوارهم عسى أن يهتدوا للتصديق بك؟
فهل تدعو إلى نفسك أم إلى الله عز وجل؟ و لا شك ان إتباع المهدي إتباع لله و عدوه عدو الله و لكنه لا يدعو الناس لعبادته و الإيمان به من دون الله
و النبي صلى الله عليه و سلم أحب إليه من نفسه و ولده و كل عزيز عليه يتبع سنته و يحييها و يفديه بروحه و يرجو له أعظم المراتب و أجلَّها إكراما لفضله على أمته و دعوته لنجاتها و شفاعته لها و كثير مما يطول شرحه من فضائله صلى الله عليه و سلم و يسأل الله له الوسيلة
و لا يقول كما تقول يا هذا من سوء أدبك مع الله و رسوله أنها لك لأنه قال أنها لعبد من عباد الله و يرجو الله أن يكون هو فكل مؤمن يشهد أن لا اله إلا الله و أن محمدا رسول الله يرجو أن تكون هذه المنزلة لخير البرية تكريما له و لما له من فضل علينا جميعا
و تقول أنك تريد توحيد العالم مؤمنهم و كافرهم و قد فرق الله بينهم و رفع المؤمن و أبعد الكافر و أمر بقتله في الحرب و تشريد من خلفه فهل أنت أرحم من الله و رسوله؟ أم أمرك الله أن توالي أعداءه و تساويهم بالمؤمنين؟ حسبنا الله و نعم الوكيل
و لا شك أن المهدي لا يدعو للتحزب و التمذهب فهو يدعو إلى ما جاء به النبي صلى الله عليه و سلم على بينة من الله و لا حاجة به لإتباع أئمة المذاهب الصحيحة المجتهدين رضي الله عنهم و إن كان يعرف فضلهم و يحفظ مكانتهم و يعظمهم بما عظموا الله و سعوا لانارة الدرب لأمة نبيه صلى الله عليه وسلم كالأئمة الاربعة و البخاري و مسلم و غيرهم رضي الله عنهم فهو يأخذ من مصدر وثيق فكيف به بعد ذلك يأخذ من تفاهات الضالين المبتدعين كبعض المتصوفة أو محرفي الدين كالسلفية الوهابية
و تدعي أيضا أنك تريد جمع السنة و الشيعة؟ كيف تجمع يا هذا بين من يؤمن بالله و رسوله و يتبع النور الذي أنزل معه و بين من يفترون على الله و على رسوله الكذب و يقذفون زوج النبي صلى الله عليه وسلم بالزنا و يسبون أصحابه و خيرتهم الصديق و الفاروق و يعبدون عليا عليه السلام من دون الله ( و هو برئ منهم) و يفترون عليه كما افترى النصارى على المسيح عليه السلام؟ أفلا تعقل؟
فأتق الله و توقف عن فتنة الناس و صرفهم عن إتباع المهدي عليه السلام حين ظهوره لحيرتهم بينه و بينك و بين المدعين أمثالك و جهلهم بعلاماته و صفاته
و لتكن لك عبرة بالقحطاني وهو أسلم منك حالا و ما ادَّعى ما أدعيته أنت بل أجبره أصحابه أن يظهر نفسه في بيت الله الحرام و لم يتم له الأمر لأن الأمر لله أولا و آخرا و قد قبضه الله هو و من توفاهم معه من أصحابه على نياتهم و هو أعلم بهم و بصدقهم أو كذبهم فقد يكونوا أرادوا حقا و لم يحسنوا التقدير و الصبر على ما يرون من الفتن و الظلم و الدعاء حتى يُظهرَ الله عبده المهدي فيتبعوه و استعجلوا أمر الله بغير
إذنه و لكل شيء عنده أجل معلوم.
والسلام على من اتبع الهدى