الموضوع: مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ

النتائج 1 إلى 5 من 5
  1. افتراضي مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ

    وبذلك تستطيعون أن تفرقوا بين الآيات المحكمات وبين المُتشابهات، وبما إني الإمام المهدي الحق من ربكم أتاني الله علم المحكم وتأويل المتشابه وأفصل لكم كتاب الله تفصيلاً لعلكم تهتدون فمن ذا الذي يجادلني من القرآن العظيم سواء محكمه أو متشابهه إلا غلبته بالحق حتى لا يجد الذين يتبعون الحق في صدورهم حرج من الاعتراف بالحق ويسلموا تسليماً، فأولئك فيهم خير لأنفسهم ولأمتهم وهم صفوة البشرية وخير البرية قوم يحبهم الله ويحبونه، وأما الذين تأخذهم العزة بالإثم ولم يعترفوا بالحق من بعدما تبين لهم أن ناصر محمد اليماني ينطق بالحق ويهدي إلى صراطٍ مُستقيم لا شك ولا ريب ومن ثم لا يوقنون بالحق من ربهم فلا يتبعوه برغم البرهان المبين بالعلم المُلجم للعقل والمنطق ومن ثم لا يتبعوه ليس إلا بسبب عدم اليقين والتخوف أن لا يكون ناصر محمد اليماني هو المهدي المنتظر أولئك كالأنعام التي لا تتفكر لأن الله لم يؤيدها بالعقل الذي يتفكر، فهل قط وجدتم بقرة استطاعت أن تفعل لها كوخاً أو عشاً يقيها من المطر والشمس والبرد برغم كبر حجمها!؟ ولكن الطير برغم صغر حجمه قد أمده الله بالعقل ولذلك تجده يصنع له عُش يعجز عن صنع مثله الإنسان، وبما أن الطير يتفكر ولذلك تجده يحتقر البشر الذين لا يتفكرون. وقال الطير موبخاً للبشر الذين لا يعبدون غير الله وقال:
    {إِنِّي وَجَدتُّ امْرَ‌أَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْ‌شٌ عَظِيمٌ ﴿
    ٢٣﴾ وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّـهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ﴿٢٤﴾ أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّـهِ الَّذِي يُخْرِ‌جُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴿٢٥﴾ اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَ‌بُّ الْعَرْ‌شِ الْعَظِيمِ ۩ ﴿٢٦﴾ قَالَ سَنَنظُرُ‌ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴿٢٧﴾ }
    صدق الله العظيم [النمل]

    بل وجده نبي الله سليمان لمن الصادقين فلا تجتمع النور والظُلمات، وما كان لهذا الطير الذي هذا منطقه أن يكون من الكاذبين وصلى الله عليك أيها الهدهد وعلى نبيه سليمان وكافة أولياء الله من الجن والإنس ومن كُل جنس وسلم تسليماً..



    Read more: https://nasser-alyamani.org/showthread.php?t=1237

    اقتباس المشاركة : الامام ناصر محمد اليماني

    وبقي معي أخي الكريم أبو قتادة نقطة هامة، فهل الداعية الذي يدعو الناس بالقرآن يفسر القرآن بالظن والاجتهاد والرأي حسب رؤيته لظاهر الآية؟ ولربما يود حبيبي أبو قتادة أن يُقاطعني فيقول: "ولكن كيف أعلم علم اليقين أن تفسير للقرآن هو الحق أو تفسيره بالظن الذي لا يغني من الحق شيء؟" . ومن ثم يرد عليك الإمام المهدي بالحق وأقول: يا أخي الكريم أبو قتادة أن الأمر بسيط وهين جداً فعليك أن تُلقي بنظره إلى كتاب الله فهل تجد آيات محكمات جاءت مناقضة لتفسير هذا الداعية، ومن ثم تعلم علم اليقين أنهُ من الذين يقولون على الله مالا يعلمون بالظن الذي لا يغني من الحق شيء. وأضرب لك على ذلك مثلاً فأنت تعلم بعقيدة الشيعة الاثني عشر بعصمة الأئمة والأنبياء والمُرسلين وكافة الأئمة المُكرمين بل وسوف يأتون لك بآية تجد في ظاهرها أنها بُرهان مبين في قول الله تعالى:
    { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }
    صدق الله العظيم
    [البقرة:124]

    ولكنها برهان بغير الحق نظراً لوقوع الشيعة في المُتشابه، وكلمة التشابه في هذه الآية جاءت في قول الله تعالى { قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }، والتشابه بالضبط هو في كلمة
    ( الظَّالِمِينَ ) فظن الشيعة أنه يقصد الظالمين بالخطيئة، وعلى ذلك تأسست عقيدتهم في عصمة الرسل والأئمة من الخطيئة وقالوا: "إنه لا ينبغي لمن اصطفاه الله رسولاً أو إماماً كريماً أن يخطئ أبداً" . ومن ثم ترى الشيعة يُحاجوا بهذا البرهان وهو من مُتشابه القرآن فتأسست على هذه الآية المُتشابهة عقيدتهم في عصمة الأنبياء والأئمة على أساس قول الله تعالى: { قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } صدق الله العظيم.

    ومن ثم قالت الشيعة إذا الأئمة والرسل معصومون من الخطا في الحياة الدُنيا إلى يوم الدين. ويا سُبحان ربي الذي هو الوحيد الذي لم يخطئ أبداً ولكن يا أبو قتادة لو تنظروا إلى برهان الشيعة على عصمة الأنبياء والأئمة بقول الله تعالى: { قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } صدق الله العظيم، فهنا يكون الباحث عن الحق في حيرة ولكن الإمام المهدي سيذهب حيرته ثم يفصل له الحق من ربه تفصيلاً. ويا أبو قتادة تعالوا لأعلمكم كيف تستطيعون أن تُميزوا بين الآية المحكمة والآية المتشابهة حتى تعلموا علم اليقين هل في هذه الآية متشابه أم إنها من الآيات المحكمات، فالأمر بسيط جداً يا أبو قتادة لمن علمه الله فألهمه بالحق فحتى تعلموا هل برهان الشيعة في هذه الآية هو من المتشابه أم إنها آية محكمة فعليك أن ترجع إلى الآيات المحكمات البينان في كتاب الله فإن وجدت رسول أو إمام ظلم نفسه ظُلماً واضحاً وبيناً في محكم الكتاب لا شك ولا ريب فعند ذلك تعلم أنه يوجد هُناك تشابه في قول الله تعالى { قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } صدق الله العظيم، والتشابه هو في قول الله تعالى{ الظَّالِمِينَ } صدق الله العظيم.

    فتعالوا لتطبيق لتصديق ونقوم بالبحث سوياً في القرآن العظيم هل قط أخطأ أحد الأنبياء والمرسلين فظلم نفسه؟ ومن ثم تجدون الفتوى من رب العالمين على لسان نبي الله يونس:
    { وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿87﴾ }
    صدق الله العظيم [الأنبياء]

    وكذلك تجدون الفتوى في قول الله نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام فتعلموا خطيئته واعترافه بظلمه لنفسه بقتل نفس بغير الحق ولكن نبي الله موسى تاب وأناب إلى ربه وقال الله تعالى:
    { قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم }
    صدق الله العظيم [القصص:16]

    ومن ثم تخرجون بنتيجة أن المُرسلين ليسوا بمعصومين من ظلم الخطيئة وإن الله غفار لمن تاب وأناب. تصديقاً لقول الله تعالى:
    { إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ﴿١٠﴾ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿١١﴾ }
    صدق الله العظيم [النمل]


    إذاً يا قوم غنه
    لا يقصد ظلم الخطيئة بل يقصد ظلم الشرك في قول الله تعالى: { قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } صدق الله العظيم. تصديقاً لقول الله تعالى:
    { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }
    صدق الله العظيم [لقمان:13]

    ولا بد لكم أن تفرقوا بين ظلم الشرك وظلم الخطيئة فليس من أخطأ أنه قد أشرك بالله فهل تجدون نبي الله موسى كان مشركاً بقتله نفس بغير الحق؟ كلا، بل ذلك هو ظلم الخطيئة، ومن تاب وأناب فسيجد ربي غفوراً رحيماً. وأما الشرك فمحله القلب والإخلاص لله محله في القلب. وقال الله تعالى:

    { يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ﴿
    ٨٨﴾ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّـهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴿٨٩﴾ }
    صدق الله العظيم [الشعراء]

    أي قلب سليم من الشرك بالله. تصديقاً لقول الله تعالى:
    { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ }
    صدق الله العظيم [الأنعام:82]

    فأولئك يصطفي منهم الأنبياء والرسل والأئمة لكي يحذروا الناس من الشرك بالله. تصديقاً لقول الله تعالى:
    { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }
    صدق الله العظيم [لقمان:13]


    ولذلك فهل ترون ناصر محمد اليماني من المشركين بالله؟ وحاشا لله رب العالمين وكفى بالله شهيداً بيني وبينكم بالحق.


    ويا أخي الكريم أبو قتادة، والله أني أراك مُقتنع في كثير من بيانات الإمام ناصر محمد اليماني ولكنك لم تكن من الموقنين بعدُ أنَّ ناصرَ محمد اليماني هو المهدي المنتظر وتخشى أن تصدق ناصر محمد اليماني فتتبعه وهو ليس المهدي المنتظر وتخشى من التأخر عن اتّباع ناصر محمد اليماني وهو المهدي المنتظر. ومن ثم يرد عليك الإمام ناصر محمد اليماني وأقول: إن كُنت كاذباً واتّبعني أبو قتادة فعليّ كذبي وإجرامي وفاز أبو قتادة فوزاً عظيماً نظراً لأن أبو قتادة إنما استجاب لدعوة ناصر محمد اليماني كونه يدعوا إلى عبادة الله وحده لا شريك له ويحاج الناس بآيات الكتاب البينات، وإن كان ناصر محمد اليماني من الصادقين وأبو قتادة لم يتبعه فمن ينجي أبو قتادة من عذاب يوم عقيم؟ فتذكروا منطق مؤمن آل فرعون وحجته البالغة إذ يحاج آل فرعون وقال:
    { وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ }
    صدق الله العظيم [غافر:28]

    إذاً يا أبو قُتادة، ليست المُشكلة لو أنكم اتبعتم ناصر محمد اليماني وهو ليس المهدي المنتظر لأنه إن يكُ كاذباً فعليه كذبه، وثمة سؤال من المهدي المنتظر إلى الباحثين عن الحق: فهل لو أن هذا القرآن العظيم افتراه محمد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ونحن صدقناه واتبعناه لأننا نرى إنه حقاً من رب العالمين أقرته عقولنا واطمأنت إليه قلوبنا، فهل يا ترى لو كان مفترًى على الله ونحن اتّبعناه فهل سوف يُحاسبنا الله على اتّباعه؟ والجواب: كلا بل يُحاسب الله الذي قال أنه أوحي إليه من رب العالمين وهو محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. تصديقاً لقول الله تعالى:
    { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ }
    صدق الله العظيم [هود:35]

    وسلامٌ على المُرسلين والحمدُ لله رب العالمين..

    أخوكم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.
    ــــــــــــــــــــــــــــ
    انتهى الاقتباس من الامام ناصر محمد اليماني


  2. افتراضي

    ويا أبا قتادة، تعالوا لأعلِّمكم كيف تستطيعون أن تميزوا بين الآية المحكمة والآية المتشابهة حتى تعلموا علم اليقين هل في هذه الآية متشابهةٌ أم إنّها من الآيات المحكمات؟







    -1- قائمة الأبواب الرئيسية لفهرسة بيانات الإمام المهدي المنتظر ناصر محمد اليماني:

  3. افتراضي



    اقتباس المشاركة 4689 من موضوع البَيانُ الحَقّ لهذه الآية المُتشابِهة في الكتاب في قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ}. ومقارنةٌ بين تفاسير عُلماء المُسلمين وبين تفسير صاحِب عِلْم الكِتاب ..

    الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ
    04 - شوّال - 1430 هـ
    23 - 09 - 2009 مـ
    10:40 مساءً
    (بحسب التّقويم الرَّسمي لأم القُرى)
    ________



    البَيانُ الحَقّ لهذه الآية المُتشابِهة في الكتاب في قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ}.
    ومقارنةٌ بين تفاسير عُلماء المُسلمين وبين تفسير صاحِب عِلْم الكِتاب ..



    اقتباس المشاركة :
    السلام عليكم، بسم الله الرحمن الرحيم، سيدى الإمام ناصر محمد اليمانيّ ماهو البيان الحقّ لقوله تعالى:
    {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَ‌حِيمًا ﴿٢٩﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارً‌ا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرً‌ا ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [النساء]
    انتهى الاقتباس

    وإليك البيانُ الحَقّ لِهَذه الآية المُتشابِهة في الكتاب في قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ} صدق الله العظيم [البقرة:54]، فظننتم أنَّ الذي يُريد أن يتوب مِن بني إسرائيل فعليه بقَتْل نفسه! وإنَّكم لخاطِئون، فكيف تكون التّوبة إلى الله بأنْ ييأس من رحمته فيقوم بقتل نفسه فيرتكب إثمًا من أعظم آثام الكتاب المُحرَّمة في جميع الكُتُب السماويّة (أن يقتل الإنسان نفسه)؟! تصديقًا لقول الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿٢٩﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [النساء]، بمعنى أن قتل النفس هو اليأسُ من رحمة الله، فكيف تجعلونه التّوبة إلى الله الذي وعد التائبين برحمته أن يغفر لهم ذنوبهم جميعاً إنّه هو الغفور الرحيم؟!

    ونعود لبيان الآية المُتشابِهة في قول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴿٥٤﴾} صدق الله العظيم [البقرة]، ووَجهُ التشابه فيها هو قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ} صدق الله العظيم. فأمّا التَّوبة في هذه الآية فهي مِن المُحكَمات في قول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ} صدق الله العظيم، ومن ثمّ حرقه ونبذه في اليمّ فنسفه نسفًا، ثمّ علموا أنّهم ظلموا أنفسهم فتابوا إلى بارئهم فتاب الله عليهم وعفا عنهم تصديقًا لقول الله تعالى: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ ﴿٥١﴾ ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿٥٢﴾} صدق الله العظيم [البقرة].

    ونأتي الآن لبيان المُتشابِه في قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ} صدق الله العظيم، وإنَّما يقصد الله أن يقتل بعضهم بعضًا فيَدفع بعضَهم ببعضٍ لِمَنع الفساد في الأرض تصديقًا لقول الله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّـهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴿٤٠﴾} صدق الله العظيم [الحج].

    ولكنَّه غَرّكم يا معشر عُلماء المُسلِمين وَجهُ التشابه في قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ}، وإنَّما يقصد بأنفسهم أيْ بعضهم بعضًا، وقال الله تعالى: {لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا ۚ فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّـهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿٦١﴾} صدق الله العظيم [النور].

    فانظُروا لقول الله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّـهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} صدق الله العظيم، أيْ فَسَلِّموا على أنفسكم أيْ: يُسَلِّم على بعضهم بعضٌ من بني جنسهم. وليس أنه يقول للحمار أو البقرة: "السلام عليكم" لأنها لن تفطن لغته! بل السَّلام على أهل البيت الذين دخلتم إلى بيوتهم من أنفسكم فيردّون (السَّلام عليكم) بأحسن منها، فيقول أهل البيت: "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته" أو يردّونها فيقولون: "وعليكم السلام" تصديقًا لقول الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴿٨٦﴾} صدق الله العظيم [النساء].

    وذلك هو البيان لقول الله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّـهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} صدق الله العظيم، وتبيّن لنا المقصود من قوله تعالى: {فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ}، أي: يُسَلِّم على بعضهم بعضٌ.

    وكذلك قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ}، أي: يقتل بعضهم بعضًا للجهاد في سبيل الله، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّـهِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّـهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّـهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ﴿٦٤﴾ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴿٦٥﴾ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ۖ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴿٦٦﴾ وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ﴿٦٧﴾ وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿٦٨﴾ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقًا ﴿٦٩﴾ ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ عَلِيمًا ﴿٧٠﴾} صدق الله العظيم [النساء].

    فانظروا للنتيجة: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ۖ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴿٦٦﴾ وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ﴿٦٧﴾ وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿٦٨﴾ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقًا ﴿٦٩﴾ ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ عَلِيمًا ﴿٧٠﴾} صدق الله العظيم.

    إذًا أصبح الحقّ واضحًا وجليًّا بالمقصود من قول الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم}، وهو: الدفاع عن ديارهم وعرضهم وأرضهم من المعتدين عليهم.

    وأمّا قول الله تعالى: {أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم}، وذلك الخروج للجهاد في سبيل الله لقتال المفسدين في الأرض وإعلاء كلمة الله.

    ومن ثمّ انظروا لقول الله تعالى: {مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ۖ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴿٦٦﴾ وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ﴿٦٧﴾ وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿٦٨﴾ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقًا ﴿٦٩﴾ ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ عَلِيمًا ﴿٧٠﴾} صدق الله العظيم.

    ثم انظروا لقاتل نفسه: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿٢٩﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [النساء].

    أفلا ترون يا معشر علماء الأُمَّة أنَّكم لا تعلمون البيان الحقّ للمُتشابِه من القرآن فظننتم أن المقصود مِن قول الله تعالى: {فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} صدق الله العظيم [البقرة:54]؛ فظننتم أنّهُ يأمرهم بقتل أنفسهم؟! فكيف يقول: {ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}؟ أفلا تعقلون؟! فكيف تَتَّبِعون المُتشابِه مِن القُرآن والذي لا يزال بحاجةٍ للراسخين في العِلم أن يأتوا لكم بتأويله؟ ولم يأمركم الله بتأويله؛ بل أمركم بالإيمان به حتى يبعث الله لكم إمامًا كريمًا يأتي لكم بتأويله، وأمَركم الله بالاستمساك والاتّباع لآيات الكتاب المُحكمات البيّنات هُنّ أُمّ الكتاب التي بيَّن الله لكم فيهم الحَلال والحرام مثال قول الله تعالى - ومن ثمّ انظروا لقاتل نفسه - : {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿٢٩﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم.

    فما لكم وللمُتشابِه من القرآن؟! ولم يأمركم الله إلَِّا بالإيمان به بأنّه كذلك مِن عند الله، ولا يعلم تأويله إلَّا الله فيُعَلِّمه لِمَن يشاء من عباده المُصطَفَيْن أئمةً للمسلمين إن وُجِدوا، وإذا لا يُوجَد فيكم إمامٌ حَكَمٌ عَدلٌ بالقول الفَصل فيما كنتم فيه تختلفون فاتركوا الاختلاف في المتشابه واتَّفِقوا على الإيمان به ثمّ استمسكوا بمُحكَم الكتاب في آياته المُحكَمات البيّنات هُنّ أمّ الكتاب مَن زاغ عَنهن واتَّبع ظاهر المُتشابِه مِن القرآن فقد غَوى وهَوى وكأنّما خَرّ مِن السماء فتخطفه الطَّير أو تهوي به الرِّيح إلى مكانٍ سَحيقٍ في نار جهنَّم الأرض السَّابعة مِن بعد أرضكم، وهل تدرون لماذا؟ وذلك لأن المُتشابِه مِن القرآن سوف تجدون ظاهره يُخالف مُحكَم القرآن تمامًا مثال قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ} صدق الله العظيم [البقرة:54]، وقول الله تعالى - ومن ثمّ انظروا لقاتل نفسه - : {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿٢٩﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [النساء].

    فانظروا في هاتين الآيتين؛ إحداهنّ من الآيات المُتشابِهات وهي قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ} صدق الله العظيم، والأخرى من الآيات المُحكمات: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿٢٩﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم.

    إذًا لو يَتَّبِعون ظاهر الآية المُتشابِهة لضَلُّوا ضلالًا بَعيدًا وظَنّ الذين لا يعلمون أنَّ التَّوبة للآثمين واليائسين مِن رحمة الله أن يقتلوا أنفسهم وأنَّ ذلك خيرٌ لهم عند بارئهم، ومن ثمّ يأتي بالدليل مِن ظاهر الآية المتشابهة: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ} صدق الله العظيم. ولكنه خالف أمر الله المُحكَم وازداد إثمًا بالإثم الأعظم فكان مصيره نار جهنَّم خالِدًا فيها، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿٢٩﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم.

    فبالله عليكم لو سألتكم يا معشَر عُلماء الأٌمَّة عن قول الله تعالى؛ هل تعلمون البيان لقول الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ} صدق الله العظيم [التوبة:128]؟ لأجبتموني جميعًا وقُلتم: "أيْ جاءكم رسولٌ بَشرٌ مثلكم مِن ذات أنفسكم". ثمّ أردّ عليكم وأقول: إذًا لماذا ضللتم بفتواكم بأنَّ قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ} صدق الله العظيم؛ أنه يقصد أن يقتلوا أنفسهم؟ ولم تعلموا أنه يقصد دفع البشر بعضهم ببعض تصديقًا لقول الله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّـهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴿٤٠﴾} صدق الله العظيم [الحج].

    وتصديقًا لقول الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ۖ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴿٦٦﴾ وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ﴿٦٧﴾ وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿٦٨﴾ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقًا ﴿٦٩﴾ ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ عَلِيمًا ﴿٧٠﴾} صدق الله العظيم [النساء].

    فانظروا لقول الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴿٦٦﴾ وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ﴿٦٧﴾ وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿٦٨﴾} صدق الله العظيم، فكيف يُهدَى مِن بعد موته بقتل نفسه؟! أفلا تَتَّقون؟ فتدبَّروا وتفكَّروا في قول الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ۖ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴿٦٦﴾ وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ﴿٦٧﴾ وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿٦٨﴾ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقًا ﴿٦٩﴾ ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ عَلِيمًا ﴿٧٠﴾} صدق الله العظيم.

    ومنذ متى رُسلُ الله يأمرون النَّاس أن يقتلوا أنفسهم؟! حاشا لله، تالله ما أَمَرَ الإنسانَ بقتل نفسه إلَّا الشيطانُ مُخالفةً لأمر الرَّحمن، فهل تريدون أن تَتَّبِعوا أمْر الشيطان وتُعرِضوا عن أمْر الرَّحمن؟ أفلا تتقون يا معشر علماء الأمّة الذين يقولون على الله ما لا يعلمون ويحسبون أنَّهم مهتدون؟ ولم يجعل الله عليكم الحُجَّة في آيات الكِتاب المُتشابِهات، ولم يأمركم الله باتَّباعِها لأن ظاهرها يختلف عن تأويلها؛ بل ظاهرها يختلف عن العقل والمَنطِق ولذلك تجدون ظاهرها يُخالِف للآية المُحكَمة في الكِتاب وضربنا لكم على ذلك مَثلًا؛ قال الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ} صدق الله العظيم، وهذه من الآيات المُتشابِهات تجدون ظاهرها يخالف العَقل والمَنطِق لأن بيانها غير ظاهرها، وبما أن ظاهرها يُخالِف العَقل والمَنطِق ولذلك حتمًا تجدون ظاهرها يُخالِف للآية المُحكَمة في الكِتاب في قول الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿٢٩﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [النساء].

    ولَكِن الآيات المُحكمات ظاهرها كباطنها يُدرِكها كُلّ إنسانٍ ذي لسانٍ عَربيٍّ مُبينٍ لا يزيغ عمَّا جاء فيها إلَّا هالكٌ فينبذها وراء ظهره ثمّ يَتَّبِع المُتشابِه الذي لا يزال بحاجةٍ للتأويل، ولا يعلمُ بتأويل مُتشابه القرآن إلَّا الله ويُلهِمه لأئمة الكتاب ليجعله بُرهانَ الإمامة والقيادة، ولم يأمركم الله بتأويله بالظَنّ الذي لا يُغني من الحقّ شيئًا؛ بل أمركم الله بتركه لأهل الذِّكر إذا لم يزالوا فيكم أو للمهديّ المنتظَر إذا بعثه الله في قدره المَقدور في الكتاب المسطور في عَصر الحوار مِن قبل الظهور، وأمَر الله عُلماء المُسلمين وأمَّتهم أن لا يختلفوا في الدّين وأن يستمسكوا بآيات الكِتاب المُحكمات البيّنات لا يزيغ عمَّا جاء فيهنّ فيتَّبِع ظاهر المُتشابِه إلَّا مَن في قلبه زيغٌ عن الحقّ المُحكَم الواضِح والبَيِّن تصديقًا لقول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿٧﴾} صدق الله العظيم [آل عمران].

    ولَكِن للأسف إنَّ السُّنّة والشّيعة يُحَرِّفون كلام الله وهم يعلمون ويقولون أنّ القرآن لا يعلمُ تأويله إلا الله حين يأتي سُلطان العِلم من آياته المُحكمات البيّنات هُنّ أمّ الكتاب ثمّ يُعرضون عنه إذا كان مُخالِفًا لِما هم به مستمسكون، ثمّ يُعرِضون عنه ويحاجّون بقول الله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} صدق الله العظيم.

    ثم يردّ عليهم الإمام المهديّ: أفلا تتَّقون؟! ولكنكم تعلمون أنّ الله لم يقصد آياته المُحكَمات البيّنات من آيات أمّ الكتاب؛ بل يقصد الآيات المتشابهات فقط التي ظاهرهنّ غير تأويلهنّ ولذلك لا يعلمُ بتأويلهنّ إلَّا الله، أمّا الآيات المُحكمات فقد جعلهنّ الله هُنّ أمّ الكتاب وهي أغلب هذا الكتاب وبنسبة تسعين في المائة ولم يجعل الله الآيات المُتشابهات إلَّا بنسبة عشرةٍ في المائة أو أقلّ مِن عشرةٍ بالمائة، أفلا تتقون؟ فتدبَّروا يا معشر الباحثين عن الحقّ وحَكِّموا عقولكم؛ هل حقًّا يقصد القرآن أنهُ لا يعلم بتأويله إلَّا الله؟ أم إنه يقصد أنّ الذين في قلوبهم زيغٌ عن الحقّ يذرون اتّباع آيات الكتاب المُحكَمات البَيِّنات التي جعلهن الله هُن أُمّ الكتاب ثمّ يَتَّبِعون المُتشابِه ابتغاء البُرهان لأحاديث الفتنة وابتغاء تأويل المُتشابِه فيزعمون أنَّ حديثَ فتنةٍ موضوعٍ أنّه جاء بيانًا لهذه الآية المُتشابِهة التي لا تزال بحاجةٍ للتأويل فيزعمون أنَّ هذا الحديث جاء بيانًا لها برغم أن الحديث يخالف العقل والمنطق ويخالف لتأويل الآية المُتشابِهة ويُخالِف لآيات الكتاب المُحكَمات غير أنه يتطابق مع ظاهر الآية المُتشابِهة؟
    اقتباس المشاركة :
    بسم الله الرحمن الرحيم
    [ تفسير الشعراوي ]


    تفسير سورة البقرة - الآية: 54
    (وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلي بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم

    والآية الكريمة التي نحن بصددها هي تقريع من موسى عليه السلام لقومه .. الذين نجاهم الله من آل فرعون وأهلك عدوهم فاتخذوا العجل إلها .. ومتى حدث ذلك؟ في الوقت الذي كان موسى فيه قد ذهب لميقات ربّه ليأتي بالمنهج والذي اتخذوا العجل إلها .. هل ظلموا الله سبحانه وتعالى أو ظلموا أنفسهم؟ .. ظلموا أنفسهم لأنهم أوردّوها موردّ التهلكة دون أن يستفيدوا شيئاً .. والظالم على أنواع .. ظالم في شيء أعلى أي في القمة .. وظالم في مطلوب القمة .. الظالم في القمة هو الذي يجعل الله شريكا ولذلك قال الله تعالى:

    (إن الشرك لظلم عظيم)
    (من الآية 13 سورة لقمان)

    وعلاقة الشرك بالظلم أنك جئت بمن لم يخلق ومن لم يرزق شريكا لمن خلق ورزق .. وذلك الذي جعلته إلها كيف يعبد؟ .. العبادة طاعة العابد للمعبود .. فماذا قال لكم هذا العجل الذي عبدتموه من دون الله أن تفعلوا .. لذلك فأنتم ظالمون ظلم القمة .. والظلم الآخر هو الظلم فيما شرعت القمة بأن أخذتم حقوق النّاس واستبحتموها .. في كلتا الحالتين لا يقع الظلم على الله سبحانه وتعالى ولكن على نفسك. لماذا؟ .. لأنك آمنت بالله أو لم تؤمن. سيظل هو الله القوي القادر العزيز. لن ينقص إيمانك أو عدم إيمانك من ملكه شيئا. ثم تأتي يوم القيامة فيعذبك. فكأن الظلم وقع عليك .. وإذا أخذت حقوق النّاس فقد تتمتع بها أياما أو أسابيع أو سنوات ثم تموت وتتركها وتأخذ العذاب. فكأنك ظلمت نفسك ولم تأخذ شيئاً .. لذلك يقول الحقّ جل جلاله:

    (وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون)
    (من الآية 57 سورة البقرة)

    وظلم النّاس يعود على أنفسهم .. لأنه لا أحد من خلق الله يستطيع أن يظلم الله سبحانه وتعالى .. وقوله سبحانه "فتوبوا إلي بارئكم" .. الحقّ تبارك وتعالى قال في الآية السابقة "عفونا عنكم" ثم يقول هذه الآية "فتوبوا إلي بارئكم" .. لأن التّوبة هي أصل المغفرة. أنت تتوب عن فعلك للذنب وتعتزم ألا تعود لمثله أبدا ويقبل الله توبتك ويعفو عنك ..
    وقد كان من الممكن أن يأخذهم الله بهذا الذنب ويهلكهم كما حدث بالنسبة للأمم السابقة .. أما وقد شرع الله لهم أن يتوبوا فهذا فضل من الله وعفو ثم يقول الحقّ تبارك وتعالى: "فاقتلوا أنفسكم" .. فانظروا إلي دقة التكليف ودقة الحيثية في قوله تعالى:: "فتوبوا إلي بارئكم فاقتلوا أنفسكم" الله سبحانه وتعالى يقول لهم .. أنا لم أغلب عليكم خالقا خلقكم أو آخذكم منه .. ولكن أن الذي خلقتكم. ولكن الخالق شيء والبارئ شيء آخر .. خلق أي أوجد الشيء من عدم .. والبارئ أي سواه على هيئة مستقيمة وعلى أحسن تقويم .. ولذلك يقول الحقّ تبارك وتعالى:

    (الذي خلق فسوى "2" والذي قدر فهدى "3")
    (سورة الأعلى)

    ومن هنا نعرف أن الخلق شيء والتسوية شيء آخر .. بارئكم مأخوذة من برئ السهم .. وبرئ السهم يحتاج إلي دقة وبراعة. وقوله تعالى: "فاقتلوا أنفسكم" لأن الذي خلقك وسواك كفرت به وعبدت سواه. فكأنك في هذه الحالة لابد أن تعيد له الحياة التي وهبها لك .. وعندما نزل حكم الله تبارك وتعالى .. جعل موسى بني إسرائيل يقفون صفوفا. وقال لهم أن الذي لم يعبد العجل يقتل من عبده .. ولكنهم حين وقفوا للتنفيذ .. فرحمهم الله بأن بعث ضبابا يسترهم حتى لا يجدوا مشقة في تنفيذ القتل .. وقيل أنّهم قتلوا من أنفسهم سبعين ألفا. وعندما حدث ذلك أستصرخ موسى وهارون ربّهم .. وقالا البكية البكية. أي أبكوا عسى أن يغفر الله عنهم. ووقفوا يبكون أمام حائط المبكى فرحمهم الله..
    وقوله تعالى: "فاقتلوا أنفسكم" لأن هذه الأنفس بشهوتها وعصيانها .. هي التي جعلتهم يتمردّون على المنهج .. إن التشريع هنا بالقتل هو كفارة الذنب. لأن الذي عبد العجل واتخذ إلها آخر غير الله. كونه يقدم نفسه ليقتل فهذا اعتراف منه بأن العجل الذي كان يعبده باطل .. وهو بذلك يعيد نفسه التي تمردّت على منهج الله إلي العبادة الصحيحة .. وهذا أقسى أنواع الكفارة .. وهو أن يقتل نفسه إثباتا لإيمانه .. بأنه لا آله إلا الله وندما على ما فعل وإعلانا لذلك .. فكأن القتل هنا شهادة صادقة للعودة إلي الإيمان. وقوله تعالى "ذلكم خير لكم عند بارئكم" .. أي أن هذه التّوبة هي أصدق أنواع التّوبة .. وهي خير لأنها تنجيكم من عذاب الآخرة .. وقوله سبحانه "فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم". التّوبة الأولى أنه شرع لكم الكفارة .. والتّوبة الثانية عندما تقبل منكم توبتكم .. وعفا عنكم عفوا أبديا.
    --------------------------------


    بسم الله الرحمن الرحيم
    [ تفسير ابن كثير ]


    وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ

    هَذِهِ صِفَة تَوْبَته تَعَالَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل مِنْ عِبَادَة الْعِجْل قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ رَحِمَهُ اللَّه في قوله تعالى: " وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْم إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسكُمْ بِاِتِّخَاذِكُمْ الْعِجْل" فَقَالَ ذَلِكَ حِين وَقَعَ فِي قُلُوبهمْ مِنْ شَأْن عِبَادَتهمْ الْعِجْل مَا وَقَعَ حَتَّى قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهمْ وَرَأَوْا أنّهم قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمنَا رَبُّنَا وَيَغْفِر لَنَا " الْآية . قَالَ : فَذَلِكَ حِين يَقُول مُوسَى " يَا قَوْم إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسكُمْ بِاِتِّخَاذِكُمْ الْعِجْل " قَالَ أَبُو الْعَالِيَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَالرَّبِيع بْن أَنَس " فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ " أَيْ إِلَى خَالِقكُمْ قُلْت وَفِي قَوْله هَاهُنَا " إِلَى بَارِئِكُمْ " تَنْبِيه عَلَى عِظَم جُرْمهمْ أَيْ فَتُوبُوا إِلَى الَّذِي خَلَقَكُمْ وَقَدْ عَبَدْتُمْ مَعَهُ غَيْره. وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيّ وَابْن جَرِير وَابْن أَبِي حَاتِم مِنْ حَدِيث يَزِيد بْن هَارُون عَنْ الْأَصْبَغ بْن زَيْد الْوَرَّاق عَنْ الْقَاسم بْن أَبِي أَيُّوب عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : فَقَالَ اللَّه تَعَالَى : إِنَّ تَوْبَتهمْ أَنْ يَقْتُل كُلّ وَاحِد مِنْهُمْ مَنْ لَقِيَ مِنْ وَالِد وَوَلَد فَيَقْتُلهُ بِالسَّيْفِ وَلَا يُبَالِي مَنْ قَتَلَ فِي ذَلِكَ الْمَوْطِن فَتَابَ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَانُوا خَفِيَ عَلَى مُوسَى وَهَارُون مَا اِطَّلَعَ اللَّه عَلَى ذُنُوبهمْ فَاعْتَرَفُوا بِهَا وَفَعَلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ فَغَفَرَ اللَّه لِلْقَاتِلِ وَالْمَقْتُول وَهَذَا قِطْعَة مِنْ حَدِيث الْفُتُون وَسَيَأْتِي فِي سُورَة طه بِكَمَالِهِ إِنْ شَاءَ اللَّه . وَقَالَ اِبْن جَرِير : حَدَّثَنِي عَبْد الْكَرِيم بْن الْهَيْثَم حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن بَشَّار حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة قَالَ : قَالَ أَبُو سَعِيد عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ تُوبُوا إِلَى بَارِئكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ ذَلِكُمْ خَيْر لَكُمْ عِنْد بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّاب الرَّحِيم . قَالَ أمر مُوسَى قَوْمه عَنْ أمر ربّه عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْتُلُوا أَنْفُسهمْ قَالَ : وَأَخْبَرَ الَّذِينَ عَبَدُوا الْعِجْل فَجَلَسُوا وَقَامَ الَّذِينَ لَمْ يَعْكُفُوا عَلَى الْعِجْل فَأَخَذُوا الْخَنَاجِر بِأَيْدِيهِمْ وَأَصَابَتْهُمْ ظُلْمَة شَدِيدَة فَجَعَلَ يَقْتُل بَعْضهمْ بَعْضًا فَانْجَلَتْ الظُّلْمَة عَنْهُمْ وَقَدْ جَلَوْا عَنْ سَبْعِينَ أَلْف قَتِيل كُلّ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ كَانَ لَهُ تَوْبَة وَكُلّ مَنْ بَقِيَ كَانَتْ لَهُ تَوْبَة. وَقَالَ اِبْن جَرِير : أَخْبَرَنِي الْقَاسم بْن أَبِي بَرَّة أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيد بْن جُبَيْر وَمُجَاهِدًا يَقُولَانِ في قوله تعالى:" فَاقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ " قَالَا : قَالَ بَعْضهمْ إِلَى بَعْض بِالْخَنَاجِرِ يَقْتُل بَعْضهمْ بَعْض لَا يَحْنُو رَجُل عَلَى قَرِيب وَلَا بَعِيد حَتَّى أَلَوَى مُوسَى بِثَوْبِهِ فَطَرَحُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ فَكُشِفَ عَنْ سَبْعِينَ أَلْف قَتِيل وَأَنَّ اللَّه أَوْحَى إِلَى مُوسَى أَنْ حَسْبِي فَقَدْ اِكْتَفَيْت فَذَلِكَ حِين أَلَوَى مُوسَى بِثَوْبِهِ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ نَحْو ذَلِكَ وَقَالَ قَتَادَة : أمر الْقَوْم بِشَدِيدٍ مِنْ الْأَمْر فَقَامُوا يَتَنَاحَرُونَ بِالشِّفَارِ يَقْتُل بَعْضهمْ بَعْضًا حَتَّى بَلَغَ اللَّه فِيهِمْ نِقْمَته فَسَقَطَتْ الشِّفَار مِنْ أَيْدِيهمْ فَأَمْسَكَ عَنْهُمْ الْقَتْل فَجَعَلَ لِحَيِّهِمْ تَوْبَة وَلِلْمَقْتُولِ شَهَادَة . وَقَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ : أَصَابَتْهُمْ ظُلْمَة حِنْدِس فَقَتَلَ بَعْضهمْ بَعْضًا ثُمَّ اِنْكَشَفَ عَنْهُمْ فَجَعَلَ تَوْبَتهمْ فِي ذَلِكَ وَقَالَ السُّدِّيّ : فِي قَوْله " فَاقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ " قَالَ فَاجْتَلَدَ الَّذِينَ عَبَدُوهُ وَاَلَّذِينَ لَمْ يَعْبُدُوهُ بِالسُّيُوفِ فَكَانَ مَنْ قُتِلَ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ شَهِيدًا حَتَّى كَثُرَ الْقَتْل حَتَّى كَادُوا أَنْ يَهْلِكُوا حَتَّى قُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا وَحَتَّى دَعَا مُوسَى وَهَارُون رَبّنَا أَهْلَكْت بَنِي إِسْرَائِيل رَبّنَا الْبَقِيَّة الْبَقِيَّة فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُلْقُوا السِّلَاح وَتَابَ عَلَيْهِمْ فَكَانَ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ شَهِيدًا وَمَنْ بَقِيَ مُكفراً عَنْهُ فَذَلِكَ قَوْله " فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّاب الرَّحِيم " وَقَالَ الزُّهْرِيّ : لَمَّا أُمِرْت بَنُو إِسْرَائِيل بِقَتْلِ أَنْفُسهمْ بَرَزُوا وَمَعَهُمْ مُوسَى فَاضْطَرَبُوا بِالسُّيُوفِ وَتَطَاعَنُوا بِالْخَنَاجِرِ وَمُوسَى رَافِع يَدَيْهِ حَتَّى إِذَا فَتَرَ بَعْضهمْ قَالُوا يَا نَبِيّ اللَّه اُدْعُ اللَّه لَنَا وَأَخَذُوا بِعَضُدَيْهِ يُسْنِدُونَ يَدَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ أَمْرهمْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى إِذَا قَبِلَ اللَّه تَوْبَتهمْ قَبَضَ أَيْدِيهمْ بَعْضهمْ عَنْ بَعْض فَأَلْقَوْا السِّلَاح وَحَزِنَ مُوسَى وَبَنُو إِسْرَائِيل لِلَّذِي كَانَ مِنْ الْقَتْل فِيهِمْ فَأَوْحَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِلَى مُوسَى مَا يُحْزِنك أَمَّا مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ فَحَيّ عِنْدِي يُرْزَقُونَ وأمّا مَنْ بَقِيَ فَقَدْ قَبِلْت تَوْبَته فَسرّبِذَلِكَ مُوسَى وَبَنُو إِسْرَائِيل رَوَاهُ اِبْن جَرِير بِإِسْنَادٍ جَيِّد عَنْهُ . وَقَالَ : اِبْن إِسْحَاق لَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمه وَأَحْرَقَ الْعِجْل وَذَرَّاهُ في اليم خَرَجَ إِلَى ربّه بِمَنْ اِخْتَارَ مِنْ قَوْمه فَأَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَة ثُمَّ بُعِثُوا فَسَأَلَ مُوسَى ربّه التّوبة لِبَنِي إِسْرَائِيل مِنْ عِبَادَة الْعِجْل فَقَالَ : لَا إِلَّا أَنْ يَقْتُلُوا أَنْفُسهمْ قَالَ : فَبَلَغَنِي أنّهم قَالُوا لِمُوسَى نَصْبِر لِأَمْرِ اللَّه فَأَمَرَ مُوسَى مَنْ لَمْ يَكُنْ عَبَدَ الْعِجْل أَنْ يَقْتُل مَنْ عَبَدَهُ فَجَلَسُوا بِالْأَفْنِيَةِ وَأَصْلَت عَلَيْهِمْ الْقَوْم السُّيُوف فَجَعَلُوا يَقْتُلُونَهُمْ فَهَشَّ مُوسَى فَبَكَى إِلَيْهِ النِّسَاء وَالصِّبْيَان يَطْلُبُونَ الْعَفْو عَنْهُمْ فَتَابَ اللَّه عَلَيْهِمْ وَعَفَا عَنْهُمْ وَأَمَرَ مُوسَى أَنْ تُرْفَع عَنْهُمْ السُّيُوف وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ لَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمه وَكَانُوا سَبْعِينَ رَجُلًا قَدْ اِعْتَزَلُوا مَعَ هَارُون الْعِجْل لَمْ يَعْبُدُوهُ فَقَالَ : لَهُمْ مُوسَى اِنْطَلِقُوا إِلَى مَوْعِد ربّكم فَقَالُوا يَا مُوسَى مَا مِنْ تَوْبَة قَالَ بَلَى : اُقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ ذَلِكُمْ خَيْر لَكُمْ عِنْد بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ - الْآية فَاخْتَرَطُوا السُّيُوف وَالْجَزَرَة وَالْخَنَاجِر وَالسَّكَاكِين . قَالَ : وَبَعَثَ عَلَيْهِمْ ضَبَابَة قَالَ فَجَعَلُوا يَتَلَامَسُونَ بِالْأَيْدِي وَيَقْتُل بَعْضهمْ بَعْضًا قَالَ : وَيَلْقَى الرَّجُل أَبَاهُ وَأَخَاهُ فَيَقْتُلهُ وَهُوَ لَا يَدْرِي . قَالَ وَيَتَنَادَوْنَ فِيهَا رَحِمَ اللَّه عَبْدًا صَبَرَ نَفْسه حَتَّى يَبْلُغ اللَّه رِضَاهُ قَالَ فَقَتْلَاهُمْ شُهَدَاء وَتِيبَ عَلَى أَحْيَائِهِمْ ثُمَّ قَرَأَ " فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّاب الرَّحِيم " .
    -----------------------------------


    بسم الله الرحمن الرحيم
    [ تفسيرالقرطبي ]


    الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ

    لَمَّا قَالَ لَهُمْ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ قَالُوا كَيْف ؟ قَالَ " فَاقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ " قَالَ أَرْبَاب الْخَوَاطِر ذَلِّلُوهَا بِالطَّاعَاتِ وَكُفُّوهَا عَنْ الشَّهَوَات وَالصَّحِيح أَنَّهُ قَتْل عَلَى الحقّيقَة هُنَا , وَالْقَتْل إِمَاتَة الْحَرَكَة وَقَتَلْت الْخَمْر كَسَرْت شِدَّتهَا بِالْمَاءِ قَالَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة التّوبة نِعْمَة مِنْ اللَّه أَنْعَمَ اللَّه بِهَا عَلَى هَذِهِ الأمّة دُون غَيْرهَا مِنْ الْأُمَم وَكَانَتْ تَوْبَة بَنِي إِسْرَائِيل الْقَتْل وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُؤْمَر كُلّ وَاحِد مِنْ عَبَدَة الْعِجْل بِأَنْ يَقْتُل نَفْسه بِيَدِهِ قَالَ الزُّهْرِيّ لَمَّا قِيلَ لَهُمْ " فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ " قَامُوا صَفَّيْنِ وَقَتَلَ بَعْضهمْ بَعْضًا حَتَّى قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا فَكَانَ ذَلِكَ شَهَادَة لِلْمَقْتُولِ وَتَوْبَة لِلْحَيِّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ , وَقَالَ بَعْض الْمُفَسِّرِينَ : أَرْسَلَ اللَّه عَلَيْهِمْ ظَلَامًا فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَقِيلَ : وَقَفَ الَّذِينَ عَبَدُوا الْعِجْل صَفًّا وَدَخَلَ الَّذِينَ لَمْ يَعْبُدُوهُ عَلَيْهِمْ بِالسِّلَاحِ فَقَتَلُوهُمْ وَقِيلَ قَامَ السَّبْعُونَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ مُوسَى فَقَتَلُوا - إِذْ لَمْ يَعْبُدُوا الْعِجْل - مَنْ عَبَدَ الْعِجْل وَيُرْوَى أَنَّ يُوشَع بْن نُون خَرَجَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ مُحْتَبُونَ فَقَالَ مَلْعُون مَنْ حَلَّ حَبْوَته أَوْ مَدَّ طَرَفه إِلَى قَاتِله أَوْ اِتَّقَاهُ بِيَدٍ أَوْ رِجْل فَمَا حَلَّ أَحَد مِنْهُمْ حَبْوَته حَتَّى قُتِلَ مِنْهُمْ يَعْنِي مَنْ قُتِلَ , وَأَقْبَلَ الرَّجُل يَقْتُل مَنْ يَلِيهِ ذِكْره النَّحَّاس وَغَيْره , وَإنّما عُوقِبَ الَّذِينَ لَمْ يَعْبُدُوا الْعِجْل بِقَتْلِ أَنْفُسهمْ عَلَى الْقَوْل الْأَوَّل ; لِأَنَّهُمْ لَمْ يُغَيِّرُوا الْمُنْكَر حِين عَبَدُوهُ , وَإنّما اِعْتَزَلُوا وَكَانَ الْوَاجِب عَلَيْهِمْ أَنْ يُقَاتِلُوا مَنْ عَبَدَهُ , وَهَذِهِ سُنَّة اللَّه فِي عِبَاده إِذَا فَشَا الْمُنْكَر , وَلَمْ يُغَيَّر عُوقِبَ الْجَمِيع رَوَى جَرِير قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا مِنْ قَوْم يَعْمَل فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي هُمْ أَعَزّ مِنْهُمْ وَأَمْنَع لَا يُغَيِّرُونَ إِلَّا عَمَّهُمْ اللَّه بِعِقَابٍ) أَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ فِي سُنَنه , وَسَيَأْتِي الْكَلَام فِي هَذَا الْمَعْنَى إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى فَلَمَّا اِسْتَحَرَّ فِيهِمْ الْقَتْل , وَبَلَغَ سَبْعِينَ أَلْفًا عَفَا اللَّه عَنْهُمْ قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَعَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا , وَإنّما رَفَعَ اللَّه عَنْهُمْ الْقَتْل لِأَنَّهُمْ أَعْطَوْا الْمَجْهُود فِي قَتْل أَنْفُسهمْ فَمَا أَنْعَمَ اللَّه عَلَى هَذِهِ الأمّة نِعْمَة بَعْد الْإِسْلَام هِيَ أَفْضَل مِنْ التّوبة , وَقَرَأَ قَتَادَة فَأَقِيلُوا أَنْفُسكُمْ مِنْ الْإِقَالَة أَيْ اِسْتَقْبِلُوهَا مِنْ الْعَثْرَة بِالْقَتْلِ " بَارِئِكُمْ " الْبَارِئ الْخَالِق وَبَيْنَهُمَا فَرْق , وَذَلِكَ أَنَّ الْبَارِئ هُوَ الْمُبْدِع الْمُحْدِث وَالْخَالِق هُوَ الْمُقَدِّر النَّاقِل مِنْ حَال إِلَى حَال وَالْبَرِيَّة الْخَلْق , وَهِيَ فَعِيلَة بِمَعْنَى مَفْعُولَة غَيْر أَنَّهَا لَا تُهْمَز وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو " بَارِئْكُمْ " بِسُكُونِ الْهَمْزَة وَيُشْعِركُمْ وَيَنْصُركُمْ وَيأمركم وَاختلف النُّحَاة فِي هَذَا فَمِنْهُمْ مَنْ يُسَكِّن الضَّمَّة وَالْكَسْرَة فِي الْوَصْل , وَذَلِكَ فِي الشِّعْر وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس الْمُبَردّ : لَا يَجُوز التَّسْكِين مَعَ تَوَالِي الْحَرَكَات فِي حَرْف الْإِعْرَاب فِي كَلَام وَلَا شِعْر وَقِرَاءَة أَبِي عَمْرو لَحْن قَالَ النَّحَّاس وَغَيْره : وَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ النَّحْوِيُّونَ الْقُدَمَاء الْأَئِمَّة وَأَنْشَدُوا إِذَا اِعْوَجَجْن قُلْت صَاحِب قَوِّم بِالدَّوِّ أَمْثَال السَّفِين الْعُوَّم وَقَالَ اِمْرُؤُ الْقَيْس فَالْيَوْم أَشْرَبْ غَيْر مُسْتَحْقِب إِثْمًا مِنْ اللَّه وَلَا وَاغِل وَقَالَ آخَر قَالَتْ سُلَيْمَى اِشْتَرِ لَنَا سَوِيقًا وَقَالَ الْآخَر رُحْت وَفِي رِجْلَيْك مَا فِيهِمَا وَقَدْ بَدَا هَنْك مِنْ الْمِئْزَر فَمَنْ أَنْكَرَ التَّسْكِين فِي حَرْف الْإِعْرَاب فَحُجَّته أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوز مِنْ حَيْثُ كَانَ عِلْمًا لِلْإِعْرَابِ قَالَ أَبُو عَلِيّ وأمّا حَرَكَة الْبِنَاء فَلَمْ يَخْتَلِف النُّحَاة فِي جَوَاز تَسْكِينهَا مَعَ تَوَالِي الْحَرَكَات , وَأَصْل بَرَأَ مِنْ تَبَرِّي الشَّيْء مِنْ الشَّيْء , وَهُوَ اِنْفِصَاله مِنْهُ فَالْخَلْق قَدْ فُصِلُوا مِنْ الْعَدَم إِلَى الْوُجُود وَمِنْهُ بَرَأْت مِنْ الْمَرَض بَرْءًا (بِالْفَتْحِ) كَذَا يَقُول أهل الْحِجَاز وَغَيْرهمْ يَقُول بَرِئْت مِنْ الْمَرَض بُرْءًا (بِالضَّمِّ) وَبَرِئْت مِنْك وَمِنْ الدُّيُون وَالْعُيُوب بَرَاءَة وَمِنْهُ الْمُبَارَأَة لِلْمَرْأَةِ وَقَدْ بَارَأَ شَرِيكه وَامْرَأَته

    بَارِئِكُمْ فَتَابَ

    فِي الْكَلَام حَذْف تَقْدِيره فَفَعَلْتُمْ " فَتَابَ عَلَيْكُمْ " أَيْ فَتَجَاوَزَ عَنْكُمْ أَيْ عَلَى الْبَاقِينَ مِنْكُمْ .

    عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ

    وَصَفَ نَفْسه سُبْحَانه وَتَعَالَى بِأَنَّهُ التَّوَّاب وَتَكَرَّرَ فِي القرآن مُعَرَّفًا وَمُنَكَّرًا وَاسْمًا وَفِعْلًا وَقَدْ يُطْلَق عَلَى الْعَبْد أَيْضًا تَوَّاب قَالَ اللَّه تَعَالَى " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبّ الْمُتَطَهِّرِينَ " [ الْبَقَرَة : 222 ] قَالَ اِبْن الْعَربّي : وَلِعُلَمَائِنَا فِي وَصْف الرَّبّ بِأَنَّهُ تَوَّاب ثَلَاثَة أَقْوَال أَحَدهَا أَنَّهُ يَجُوز فِي حَقّ الرَّبّ سُبْحَانه وَتَعَالَى فَيُدْعَى بِهِ كَمَا فِي الْكِتَاب وَالسُّنة وَلَا يُتَأَوَّل وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ وَصْف حَقِيقِيّ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَتَوْبَة اللَّه عَلَى الْعَبْد رُجُوعُهُ مِنْ حَال الْمَعْصِيَة إِلَى حَال الطَّاعَة , وَقَالَ آخَرُونَ : تَوْبَة اللَّه عَلَى الْعَبْد قَبُوله تَوْبَته , وَذَلِكَ يَحْتَمِل أَنْ يَرْجِع إِلَى قَوْله سُبْحَانه وَتَعَالَى قَبِلْت تَوْبَتك وَأَنْ يَرْجِع إِلَى خَلْقه الْإِنَابَة وَالرُّجُوع فِي قَلْب الْمُسِيء وَإِجْرَاء الطَّاعَات عَلَى جَوَارِحه الظَّاهِرَة .
    -------------------------------------


    بسم الله الرحمن الرحيم
    [ تفسير الزمخشري ]


    وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ

    (فَٱقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ) على الظاهر وهو البخع وقيل: معناه قتل بعضهم بعضاً. وقيل: أمر من لم يعبد العجل أن يقتلوا العبدة. وروى أن الرجل كان يبصر ولده، ووالده وجاره وقريبه، فلم يمكنهم المضي لأمر الله، فأرسل اللَّه ضبابة وسحابة سوداء لا يتباصرون تحتها، وأمروا أن يحْتبوا بأفنية بيوتهم، ويأخذ الذين لم يعبدوا العجل سيوفهم، وقيل لهم: اصبروا، فلعن الله من مدّ طرفه أو حلّ حبوته أو اتقى بيد أو رجل، فيقولون: آمين فقتلوهم إلى المساء حتى دعا موسى وهارون وقالا: يا رب، هلكت بنو إسرائيل، البقية البقية، فكشفت السحابة ونزلت التّوبة. فسقطت الشفار من أيديهم، وكانت القتلى سبعين ألفاً. فإن قلت: ما الفرق بين الفاآت؟ قلت: الأولى للتسبيب لا غير، لأن الظلم سبب التّوبة. والثانية للتعقيب لأن المعنى فاعزموا على التّوبة فاقتلوا أنفسكم، من قِبَلِ أن الله تعالى جعل توبتهم قتل أنفسهم. ويجوز أن يكون القتل تمام توبتهم. فيكون المعنى: فتوبوا، فاتّبعوا التّوبة القتل تتمة لتوبتكم، والثالثة متعلقة بمحذوف، ولا يخلو إما أن ينتظم في قول موسى لهم فتتعلق بشرط محذوف، كأنّه قال: فإن فعلتم فقد تاب عليكم. وأمّا أن يكون خطاباً من الله تعالى لهم على طريقة الالتفات. فيكون التقدير: ففعلتم ما أمركم به موسى فتاب عليكم بارؤكم. فإن قلت: من أين اختص هذا الموضع بذكر البارىء؟ قلت: البارىء هو الذي خلق الخلق بريئاً من التفاوت
    (مَا ترِى فِى خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَـٰوُتٍ)
    [الملك: 3] ومتميزاً بعضه من بعض بالأشكال المختلفة والصور المتباينة، فكان فيه تقريع بما كان منهم من ترك عبادة العالم الحكيم الذي برأهم بلطف حكمته على الأشكال المختلفة أبرياء من التفاوت والتنافر، إلى عبادة البقرة التي هي مثل في الغباوة والبلادة. ـ في أمثال العرب: أبلد من ثور ـ حتى عرضوا أنفسهم لسخط الله ونزول أمره بأن يفك ما ركبه من خلقهم، وينثر ما نظم من صورهم وأشكالهم، حين لم يشكروا النعمة في ذلك، وغمطوها بعبادة من لا يقدر على شيء منها.
    انتهى الاقتباس
    أخُوكم الإمام المهديّ؛ ناصر محمد اليمانيّ.
    ________________
    اضغط هنا لقراءة البيان المقتبس..

    ......

    -1- قائمة الأبواب الرئيسية لفهرسة بيانات الإمام المهدي المنتظر ناصر محمد اليماني:

  4. افتراضي


    فإليك البيان الحق للأسباب إنه يُطلق على كُل سبب سواء أسباب السفر براً أو بحراً أو العروج بالفضاء أو الأسباب التي يستخدموها في القتل والقتال كمثال قول الله تعالى:
    { مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ } صدق الله العظيم

    وذلك تحدي من الله للذين يظنون أن لن ينصر الله نبيه ولن يحميه كمثل غوث ابن الحارث حين سمعوا قول الله تعالى:

    { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } صدق الله العظيم [المائدة:٦٧]

    وقال غوث ابن الحارث: لو شاء لسلَّ سيفه ثم يقطع به عنق محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولن ينصره الله ولن يمنعهم من قتله، ثم رد الله
    عليهم بالتحدي بالحق بقوله تعالى
    : { مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ } صدق الله العظيم [الحج:١٥]، أي؛ من كان يظن أن لن يحمي الله رسوله كما وعده بالحق: { وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } صدق الله العظيم

    فمن لم يصدق هذا الوعد من الله لنُصرة نبيه فيعصمه من أعدائِه
    فليمدد بسببٍ إلى السماء أي فليسل سيفه فيمدد به إلى السماء ثم ليقطع به عنق النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن استطاع فلينظر هل يستطيع أن يذهب كيدَه ما يغيظ بقتل محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم؟ ولن يذهب كيده ما يغيظ لأن الله سوف يحمي نبيه من الناس كما وعده الله بذلك، ومن ثمِ حاول غوث أن يُنفذ كلمته فيسل سيفه فيقطع به عنق مُحمد صلى الله عليه وآله وسلم ويظن أن لن يحميه الله منه شيئاً..

    وكان النبي صلي الله عليه و آله قد جلس في بعض غزواته في ظل شجرة وحده بعيداً عن أصحابه، فجاءه غوث بن الحارث و وقف على رأس النبي صلى الله عليه وآله وسلم مصلتاً سيفه رافعاً يده على النبي صلي الله عليه وآله وصاح به:
    من يمنعك مني يا محمد؟ فقال النبي صلي الله عليه و آله: الله سيمنعني منك ياغوث ابن الحارث فسقط السيف من يده، فبادر النبي صلي الله عليه و آله إلى السيف وأخذه ورفعه على غوث قائلاً له: يا غوث من يمنعك مني الآن؟ فقال: عفوك، وكن خير آخذ، فتركه النبي صلي الله عليه و آله وعفا عنه وقال فاذهب حتى لا يعلم بمحاولتك قتلي أصحابي فيقتلوك فجاء إلى قومه وقال لهم: « والله جئتكم من عند خير الناس »

    فهل تبين لك أن السبب في هذا الموضع هو السيف تصديقاً لقول الله تعالى:
    { مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ } صدق الله العظيم [الحج:١٥]

    وأصدقتك بالحق من كتاب الله وسنة رسوله ولو تبحث عن بيان هذه الآية لدى من تعتبرهم مُفسرين لوجدته تفسيراً غير منطقي ولا ولن يقبله عقلك، أما بيان الإمام المهدي فتخضع له العقول بالحق ولا تجد غير أن تُصدق بالحق لمن كان يعقل ويتدبر ويتفكر، أما الذي لا يتفكر فمثله كمثل الأنعام لا تفكر شيئاً فانظر لتفسيرهم لهذه الآية وقالوا:
    [ أنه دعوة للكفار لربط حبال في سقفّ بيوتات الكفار ثم ليعلقوا رقابهم ويشدوها بتلك الحبال المربوطة بالسقف حتى يهلكوا لينظروا هل يذهب كيدهم وما يغيظون ]. فهذا تفسير طائفة من أهل السنة.
    وأما طائفة أخرى وهم من الشيعة فقالوا:
    [ بل تفسيرها الحق (لكن انظروا بربكم لمعرفة الذكر وتيقن وجه تحققه وعلى من يكون ، من تفسير الحق في هذه الدعوة المباركة وأصولها المهدية إنه في هؤلاء يا من عمي عن آيات الكتاب ووعد الحق فيه: ﴿ أَمْ لَهُم مُّلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الأَسْبَابِ . جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّنَ الأَحْزَابِ ﴾.﴿ أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ . وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾
    صدق الله العظيم ]


    ويا سُبحان الله! وما علاقة فليمدد بسببٍ إلى السماء وبين قوله تعالى: { أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ } صدق الله العظيم [ص:١٠]؟ فهل هذا هو بيان القرآن بالقرآن يامعشر المُسلمين فجعلوا تفسير قول الله تعالى: { مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ } صدق الله العظيم [الحج:١٥]، وقالوا تأويلها هو ما جاء في قوله تعالى: { أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ } صدق الله العظيم [ص:١٠]؟

    فهذه لها بيان آخر وهو تحدي الله لكافة الجن والإنس أن يخترقوا السماء الدُنيا، تصديقاً لقول الله تعالى:
    { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ﴿٣٣﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٣٤﴾ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ ﴿٣٥﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٣٦﴾ } صدق الله العظيم [الرحمن]

    الامام ناصر محمد اليماني
    المهدي المنتظر
    Read more: https://nasser-alyamani.org/showthread.php?t=1068

المواضيع المتشابهه
  1. مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ
    بواسطة الاواب في المنتدى دحض الشبهات بالحجة الدامغة والإثبات على مهدوية الإمام ناصر محمد اليماني
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 25-04-2015, 04:03 PM
  2. تلاوة خاشعة وتدبر خاشع لآيات بينات محكمات من محكم الكتاب القرآن الكريم ..فاخشعوا لربكم وتدبروا آياته لعلكم تفلحون
    بواسطة المنصف في المنتدى المادة الإعلامية والنشر لكل ما له علاقة بدعوة الإمام المهدي ناصر محمد اليماني
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 14-05-2014, 02:47 AM
  3. بيان التّمييز بين آيات القرآن المحكمات أمّ الكتاب عن المتشابهات..
    بواسطة الإمام ناصر محمد اليماني في المنتدى ۞ موسوعة بيانات الإمام المهدي المنتظر ۞
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 19-08-2011, 10:01 AM
  4. بيان التمييز بين آيات القرآن المُحكمات أم الكتاب عن المُتشابهات
    بواسطة فردوس في المنتدى دحض الشبهات بالحجة الدامغة والإثبات على مهدوية الإمام ناصر محمد اليماني
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 29-06-2010, 01:22 AM
  5. أسرار آيات الحساب في الكتاب ذكرى لأولوا الألباب
    بواسطة عيسى عمران في المنتدى أدركت الشمس القمر وسبقته
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-03-2010, 03:52 AM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •